SUMMARY
VERSION

مسؤولية المنظمات الدولية

A meeting of the Steering Committee for the fourth Sustainable Development Goal on education.

Credit: A Fernandez

مسؤولية المنظمات الدولية

تقوم المنظمات الوطنية وعبر الوطنية والعابرة للحدود الوطنية بحفز البلدان ودعمها للوفاء بالمعايير الدولية. ولكن مساءلتها ليس بالأمر السهل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن هذه المنظمات مسؤولة أمام عدة أطراف معنية. فعلى سبيل المثال، الأمم المتحدة مسؤولة في آن واحد أمام الدول الأعضاء وأمام شعوبها التي قد تنتهك هذه الدول حقوقها.

المنظمات الدولية تساعد في تحديد الأهداف المشتركة

ينبغي للمنظمات الدولية أن تساعد البلدان الأعضاء وغيرها من الأطراف المعنية على وضع أهداف مشتركة في مجال التعليم وإنشاء آليات للتنفيذ. وينبغي أن تكون مسؤولة عن ضمان تنوع الأصوات في الخطط والاتفاقات التعليمية. وإذا أخذنا مثال خطة التنمية المستدامة، سنجد أن استيعاب المصالح المتنوعة جعل الأهداف ثقيلة وصعبة الإدارة، وترتيب الأولويات يفتقر إلى الوضوح، وعملية الرصد ضعيفة نسبياً. أما «المساءلة » فهي غائبة بشكل واضح عن الوثيقة الأساسية للتنمية المستدامة.

إن عدم تحديد من هو المسؤول وعن ماذا تحديداً واضحاً ودقيقاً يعني وجود فراغ من حيث المسؤولية والمساءلة، وذلك ليس فقط على مستوى الحكومات التي لا تفي بالتزاماتها وإنما أيضاً على مستوى المنظمات. وقد أظهرت عملية تقييم لآليات تنسيق التعليم للجميع أن أدوار الشركاء والوكالات كانت غير واضحة وأن آليات المساءلة كانت معدومة. ويؤدي تعدد الأدوار وتداخل أو تنافس الخطط إلى عدم تحديد الأدوار تحديداً واضحاً، ما يجعل من الصعب مساءلة أي طرف من الأطراف الفاعلة. ثم إن مساءلة المنظمات يتطلب أيضاً وجود موارد قد لا تكون متوفرة.

تُعتبر مسؤولية المنظمات الدولية في تحديد الأهداف وتيسير عملية تنفيذها ضعيفة إلى حد كبير على المستوى العالمي، إلا أن الأمر قد يختلف على المستوى الإقليمي. ففي أوروبا، يتناول الإطار الاستراتيجي للتعليم والتدريب لعام 2020 مسألة التعليم بوصفها جزءاً من استراتيجيته الشاملة للنمو. ويستخدم الاتحاد الأوروبي هياكله المؤسسية المتشعبة لتوزيع المهام وتفويضها. وتقوم المفوضية الأوروبية بإعداد تقرير سنوي لتتبع التقدم المحرز في اتجاه الأهداف ومؤشرات القياس وتقديم تقرير كل خمس سنوات، بالتعاون مع المجلس الأوروبي، بشأن الأولويات والتحديات المشتركة التي تعالج على أفضل وجه من خلال التعاون. ولكن بالرغم من القدرات المؤسسية والتنظيمية القوية، فإن المساءلة بشأن الإجراءات المنسقة لاتزال مجزأة.

إذا أخذنا مثال خطة التنمية المستدامة، سنجد أن استيعاب المصالح المتنوعة جعل الأهداف ثقيلة وصعبة الإدارة، وترتيب الأولويات يفتقر إلى الوضوح، وعملية الرصد ضعيفة نسبياً

لابد للمنظمات الدولية أن تكون شفافة عند وضع المعايير

دأبت المنظمات الدولية على وضع معايير لعمليات التعليم النظامي لدعم التنسيق والتوافق والإنصاف. ومن الأمثلة على ذلك وضع إطار لمؤشرات أهداف التنمية المستدامة، وهو مفتوح للتشاور المكثف والواسع النطاق. مثال آخر هو عملية بولونيا التي أنشأت ساحة أوروبية مشتركة في مجال التعليم العالي تضم 48 بلداً يجمعهم إطار واحد مشترك للاعتراف بالشهادات، ونظام لتحويل رصيد الوحدات الدراسية، ومعايير لضمان الجودة، وأدوات تنفيذية لتيسير حراك الطلاب والباحثين. ومن محاسن هذه المنظومة أنها وفرت آلية للمساءلة دون ممارسة الضغط على الهيئات الوطنية أو التدخل القسري في عملية التنفيذ على المستوى الوطني.

وساهمت المنظمات الدولية أيضاً في نشر معايير التعليم المتبلورة خارج عمليات التعليم النظامي، كالمعايير الخاصة بالتعلم. وقد حول برنامج التقييم الدولي للطلاب التابع لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي السياسة التعليمية باتجاه النواتج ولكنه يُنتقد أيضاً لتأثيره على نُظم التعليم في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والتي لا يعتبر مسؤولاً أمامها.

ينبغي للجهات المانحة الوفاء بالتزاماتها في مجال تقديم المعونة وأن تُساءل عند الإخلال بذلك

هناك عدد من المنظمات التي تشمل مهامها تحسين نُظم التعليم في البلدان الفقيرة من خلال تقديم معونة مالية وتقنية. والوكالات المانحة مسؤولة في آن واحد أمام مواطني البلد المانح والأطراف المتلقية للمعونة، الأمر الذي ينطوي على إمكانية تعارض المسؤوليات.

ولا تتوفر آليات للمتابعة تضع الجهات المانحة أمام مسؤولياتها في الوفاء بالتزاماتها بشأن المعونة المقررة. ففي عام 2015 ، لم تفِ سوى ستة بلدان من أصل 28 بلداً عضواً في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بالتزاماتها بتخصيص %0.7 من الدخل القومي للمعونة . وتُساءل المنظمات بشأن حجم المعونة من خلال عمليات رسمية، مثل آلية استعراض الأقران التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ومن خلال قنوات غير الرسمية، مثل وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية.

ولا يقتصر موضوع المساءلة على حجم المعونة وإنما يشمل أيضاً فعاليتها التي لا تقل أهمية عن حجمها. والجهة التي تتولى رصد أنشطة الأطراف الشريكة في عملية التنمية هي الشراكة العالمية من أجل التعاون الإنمائي الفعال التي كشف تقرير الرصد الذي أصدرته عام 2016 عن وجود تحسن طفيف في الشفافية على مستوى الإبلاغ عما يجري ويتحقق بخصوص المعونة. وقد انخفضت القدرة على التنبؤ بالمعونة في الفترة بين عامي 2010 و 2015 ، ولم يتم الوفاء بشروط المساءلة المتبادلة بشأن الشمول. كما لم ينجم عن عمليات الرصد القوية أي تحسن في حجم المعونة أو أي تحسّن في استهداف البلدان الأكثر احتياجاً للمعونة، وإن كان من الصعب تصور ما كان سيكون عليه السجل الجماعي أو الوضع العام لجميع الأطراف المعنية بدون هذه العمليات.

وتبلغ حصة الجهات المانحة المتعددة الأطراف من المعونة المقدمة للتعليم حوالي الثلث. وقد أعربت المنظمات غير الحكومية عن قلقها من أن القرارات السياساتية التي تؤثر على المواطنين تتخذ خارج العمليات الديمقراطية. ويعتبر البنك الدولي أكبر مقرض للتعليم في العالم. ويتوقع في أعقاب استعراض المساهمين في عام 2015 أن تتجاوز حصة البلدان النامية في التصويت 50 % وذلك في إطار عملية الإصلاح لزيادة نسبة تمثيلها.

انخفضت القدرة على التنبؤ بالمعونة في الفترة بين عامي 2010 و 2015 ، ولم يتم الوفاء بشروط المساءلة المتبادلة بشأن الشمول

المعونة القائمة على النتائج لا تحقق بالضرورة الفعالية المتوخاة ولا شروط المساءلة اللازمة

كان إعلان باريس بشأن فعالية المعونة محاولة لزيادة مسؤولية الجهة المانحة والبلد الشريك أمام المواطنين والمشرعين. وكان من بين الالتزامات التي خرج بها تعزيز الإدارة المبنية على النتائج. ويعتبر نهج «الدفع بحسب النتائج » جزءاً من هذا المسعى، والذي يفترض أن يعطي الجهات المتلقية للمعونة هامشاً أكبر للحركة والاستقلالية ويعفيها من الخضوع للإجراءات المتبعة عادة. ولكن تبدو الأمور من حيث الممارسة العملية أكثر تعقيداً.

وتسعى البرامج المبنية على النتائج خلف النواتج والتأثير، خلافاً لأشكال الشروط السابقة التي تربط المعونة باعتماد سياسات محددة ذات أشكال عديدة. ويربط التمويل الذي يقدمه برنامج البنك الدولي المبني على النتائج دفع المعونة ربطاً مباشراً بالنتائج. ومن الأمثلة الرئيسية في مجال التعليم برنامج «النتائج الكبيرة الآن في التعليم » في جمهورية تنزانيا المتحدة، مع مؤشرات عن نسبة الطلاب إلى المعلمين، وعن تحسّن مهارات القراءة.

وتتعاقد بعض البرامج مع مقدمي خدمات تعليمية غير حكوميين. وتغطي الجهة المانحة تكاليف التعليم لكل طالب، كما تغطي أحياناً مبالغ متنوعة لأغراض الحوافز. وتدفع صناديق التحدي المنظمات إلى التنافس على مخصصات المعونة، بهدف تعزيز مساءلة مقدمي الخدمات. ويعتبر صندوق التحدي لتعليم الفتيات التابع لإدارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة من أهم الأمثلة في مجال التعليم.

ولم يجر سوى عدد قليل من عمليات التقييم لمثل هذه البرامج. ومنها أداة التمويل المعروفة ب «البرنامج المبني على النتائج » حيث وجدت عملية التقييم أن النتائج، خلافاً للتوقعات، تحققت في الغالب على المستوى المؤسسي وليس على مستوى النواتج. وعلاوة على ذلك، واجهت عملية تقييم الأثر تحديات تعزى إلى التغييرات الملحوظة في البرامج القائمة على النتائج، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن معظم التدخلات تستهدف تحقيق مجموعة من النتائج، مما يعقد الجهود لاستخلاص استنتاجات بشأن أثر نهج الدفع المشروط بالنتائج. وأخيرا، يتطلب الأمر وقتا، وقد يطول نسبياً، حتى تتاح البيانات وتظهر النتائج. وتستثمر الجهات المانحة حاليا لتحسين قاعدة الأدلة.

وتطرح الأدلة المتوافرة بعض الأسئلة والتساؤلات، منها أن فرض حوافز خارجية يمكن أن يلحق الضرر بالدافع الأساسي لمزودي الخدمات. وبما أن مستوى المعونة غير مؤكد، فأن الجهات المتلقية للمعونة تتحمل هي أيضاً بعض المخاطر، ما يقوض جزءاً من الأساس المنطقي لهذا النهج. ومن المتوقع أن يؤدي منح مزودي الخدمات استقلالية للابتكار من خلال البرامج القائمة على النتائج إلي زيادة الفعالية، ولكن قد يتردد مزودو الخدمات في تغيير أساليب موثوق بها إذا كان عليهم أن يضمنوا النتائج مقابل الدفع.

إن وضع مؤشرات قابة للقياس وفعالة من حيث التكلفة ويمكن التحقق منها، أمر صعب. كما يجب مواءمة المؤشرات مع الأهداف الطويلة الأجل. ويمكن للمؤشرات غير المناسبة التي تتجاهل الإنصاف أن تقدم حوافز غير مباشرة لاستهداف الجهات المتلقية الأكثر سهولة.

علاوة على ذلك، يمكن لنهج الدفع بحسب النتائج أن يقوض الملكية القُطرية للعملية (أي ملكية الجهة المتلقية للمعونة)، باعتبار أن النهج نشأ في البلدان المانحة ولا يتوافق دائماً مع نُظم التعليم في البلد المتلقي للمعونة. وغالباً ما تفضل الجهات المانحة مزودي الخدمات التعليمية غير الحكوميين وتهمل الاستثمار في تعزيز قدرات القطاع العام في البلد المتلقي للمعونة. ثم إن ربط مدفوعات المعونة بالنتائج قد ينال من إمكانية التنبؤ بتدفقات الموارد. في الواقع أن هذا النهج قد يعمل على أفضل وجه في أقل البلدان حاجة إليه: أي حيث تتمتع نُظم التعليم برؤية واضحة لمقاصدها وبأهداف متوائمة، وبالقدرة والعزيمة على تحمل المخاطر.

يجب مواءمة المؤشرات المستخدمة في التمويل القائم على الأهداف مع الأهداف الطويلة الأجل، وإعطاء الأولوية فيها للإنصاف