SUMMARY
VERSION

التقرير العالمي لرصد التعليم 2016 ملخص

A young boy takes part in a reforestation project in Cape Town, South Africa where children learn to reconnect with nature.

CREDIT: Sydelle Willow Smith/GEM Report

التقرير العالمي لرصد التعليم 2016 ملخص

المقدمة

اعتمدت الدول الأعضاء في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة خطة عالمية جديدة للتنمية بعنوان: «تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030». ويتضمن هذا الجدول 17 هدفاً لتحقيق التنمية المستدامة، منها هدف التنمية المستدامة 4 المخصص للتعليم. وتضع أهداف التنمية المستدامة أولويات التنمية خلال هذه المرحلة حتى عام 2030 وتأتي خلفاً للأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التعليم للجميع التي كان أجلها النهائي عام 2015.

لن يجود التعليم بكامل إمكاناته لدفع العالم إلى الأمام ما لم تتحسن معدلات الالتحاق بالمدارس تحسُّناً كبيراً، ويصبح التعلم عملية متواصلة مدى الحياة، وتتماهى نُظم التعليم تماماً مع التنمية المستدامة Click to Tweet

وأنيطت بالتقرير العالمي لرصد التعليم، الذي يستند إلى تجربة وخبرة التقارير العالمية السابقة لرصد التعليم للجميع، مهمة جديدة هي تقييم التقدم الذي يحرزه التعليم في إطار جدول أعمال 2030. ويستكشف التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2016، وهو الأول من هذه السلسلة التي ستتواصل على مدى 15 عاماً، العلاقة المعقدة بين التعليم والجوانب الأخرى للتنمية المستدامة، إلى جانب رصد الاثار المترتبة على الهدف 4 للتنمية المستدامة. ويبين أن التعليم سوف لن يجود بكامل إمكاناته لدفع العالم إلى الأمام مالم تتحسن معدلات الالتحاق بالمدارس تحسُّناً كبيراً، ويصبح التعلم عملية متواصلة مدى الحياة، وتتماهى نُظم التعليم تماماً مع التنمية المستدامة.

ويسلط الجانب المواضيعي للتقرير الضوء على الأدلة والممارسات والسياسات التي تبين مجتمعة كيف يمكن للتعليم أن يحفِّز ويعزز خطة التنمية المستدامة بمجملها. ويسوق الحجج القوية على الدور الحيوي لأصناف التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ولا سيما هدف القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع، وتحسين الصحة، والمساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، والزراعة المستدامة، وجعل المدن قادرة على الصمود ومستدامة، والارتقاء بالمساواة داخل المجتمع وجعله أكثر شمولاً وعدلاً.

يتناول الجانب الخاص بالرصد العديد من التحديات المتعلقة بكيفية رصد التقدم نحو تحقيق الهدف 4 للتنمية المستدامة ويقدم توصيات ملموسة لتغيير السياسات. ويقف التقرير عند كل غاية من غايات التعليم السبع وعند ثلاث وسائل للتنفيذ فيما يتعلق بهدف التنمية المستدامة 4. كما يقوم بتحليل مسألة تمويل التعليم ونظم التعليم وإلى أي مدى يمكن رصد التعليم في إطار الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة. وجرى أيضاً تحديد اللبنات والركائز وأوجه التآزر المحتملة التي من شأنها جعل الخطة العالمية لرصد التعليم على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة أكثر فعالية وكفاءة، وذلك على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.

الجدول 1

كيف يتجلى ارتباط التعليم بالأهداف الأخرى للتنمية المستدامة

التعليم عامل حاسم في انتشال الناس من وهدة الفقر. الهدف 1
يقوم التعليم بدور أساسي لمساعدة الناس على التوجه نحو طرق زراعية أكثر استدامة، وعلى فهم المسائل الغذائية. الهدف 2
يمكن للتعليم أن يساهم مساهمة كبيرة في تحسين الصحة العامة على عدة مستويات، منها تخفيض نسبة الوفيات المبكرة، وتحسين الصحة الإنجابية، والحد من انتشار الأمراض، وتعزيز أنماط الحياة الصحية ورفاه الإنسان. الهدف 3
تعليم النساء والفتيات مسألة ضرورية لاكتساب المهارات الأساسية للقرائية، وتحسين المهارات والقدرات التشاركية، وتحسين الفرص الحياتية. الهدف 5
يُنمي التعليم والتدريب المهارات والقدرات اللازمة لاستخدام الموارد الطبيعية بشكل أكثر استدامة ويعزز النظافة الصحية. الهدف 6
بإمكان البرامج التعليمية، لا سيما غير النظامية وغير الرسمية، أن تساهم في حفظ الطاقة وتعزيز موارد الطاقة المتجددة. الهدف 7
هناك صلة مباشرة بين مستويات التعليم والحيوية الاقتصادية والأعمال الحرة ومهارات سوق العمل وغيرها من المجالات. الهدف 8
التعليم ضروري لتنمية المهارات اللازمة لإقامة بنية تحتية مرنة وقادرة على الصمود وتعزيز الصناعة المستدامة. الهدف 9
من الثابت أن النفاذ إلى التعليم والانتفاع به أمر يساهم في الحد من انعدام المساواة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. الهدف 10
بإمكان التعليم تزويد الناس بالمهارات اللازمة للمشاركة في جعل المدن أكثر استدامة والحفاظ عليها وتعزيز مرونتها وقدرتها على الصمود أمام الأوضاع الكارثية. الهدف 11
بإمكان التعليم أن يؤثر تأثيراً كبيراً على أنماط الانتاج (مثلاً فيما يتعلق بالاقتصادي التدويري) وأن يوسع مدارك المستهلك بشأن السلع المنتجة بطريقة مستدامة وضرورة تجنب الإهدار. الهدف 12
يمثل التعليم مدخلاً أساسياً لفهم الجمهور لتغير المناخ والتكيف معه والتخفيف من وطأته، لا سيما على المستوى المحلي. الهدف 13
التعليم عامل مهم في إنضاج الوعي بشأن البيئة البحرية وبناء توافق استباقي بشأن الاستخدام الحكيم والمستدام للموارد البحرية. الهدف 14
يعزز التعليم والتدريب المهارات والقدرات التي من شأنها تعزيز أساليب العيش المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، لا سيما في البيئات المعرضة للخطر. الهدف 15
يعتبر التعليم أو التعلم الاجتماعي مسألة حيوية لتيسير وضمان إقامة مجتمعات تشاركية وشاملة وعادلة وتعزيز التماسك الاجتماعي. الهدف 16
يبني التعلم مدى الحياة القدرة على فهم وتعزيز السياسات والممارسات في مجال التنمية المستدامة. الهدف 17

المصدر: المجلس الدولي للعلوم والمجلس الدولي للعلوم الاجتماعية.

في شهر أيار/مايو من عام 2015، اجتمع في المنتدى العالمي للتربية في إنشيون بجمهورية كوريا 1600 مشارك من 160 بلداً يحدوهم ويشغلهم هدف واحد هو: ضمان التعليم المنصف والشامل والتعلم مدى الحياة للجميع بحلول عام 2030.
وجاء إعلان إنشيون المعنون: التعليم بحلول عام 2030 ليقول كلمة الفصل في صياغة هدف التنمية المستدامة بشأن التعليم حتى عام 2030 والمتمثل في «ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع».
وأناط باليونسكو مهمة ريادة وتنسيق ورصد جدول أعمال التعليم حتى عام 2030. ودعا إلى أن يكون التقرير العالمي لرصد التعليم آلية مستقلة تتولى رصد الهدف 4 للتنمية المستدامة ورصد ما يخص التعليم في الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة ورفع تقارير في هذا الصدد على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة.

إن الهدف النهائي الذي يسعى إليه جدول أعمال التعليم هذا هو «ألا يُترك أحد بدون تعليم». وهذا يتطلب بيانات وافرة وموثوقة وعملية رصد سليمة. ويمد التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2016 الحكومات وراسمي السياسات بآراء قيمة ونظرات ثاقبة في مجال رصد وتسريع التقدم على طريق تحقيق الهدف 4 للتنمية المستدامة، بالاستناد إلى المؤشرات المتاحة والغايات المنظورة، مع توخي الإنصاف والشمول في التعليم بوصفهما مقياس النجاح في هذا الهدف برمته.
ويحمل هذا التقرير ثلاث رسائل واضحة كل الوضوح.

أولها، الحاجة الماسة والعاجلة إلى نهوج ومقاربات جديدة. فلو واصلنا السير في الاتجاهات الحالية فإن 70% فقط من الأطفال في البلدان المنخفضة الدخل سيكملون التعليم الابتدائي بحلول عام 2030، وهو هدف كان يُفترض أن يُحقق بالكامل بحلول عام 2015. ولكي نمضي قدماً في اتجاهات جديدة ونهوج فاعلة، لا بد من توفر الإرادة السياسية، والسياسات المناسبة، والقدرة على الابتكار والموارد اللازمة.

وتفيد الرسالة الثانية بأننا إذا أردنا حقاً الوصول إلى الهدف 4 للتنمية المستدامة، لا بد لنا من العمل الجاد والدؤوب من منطلق الوعي التام بمدى عجالة وخطورة المهمة الملقاة على عاتقنا، وأن يكون التزامنا بتحقيق هذا الهدف التزاماً راسخاً وطويل الأجل. إذ إن الإخفاق في ذلك يعني أن آثاره السلبية سوف لن تقف عند حدود التعليم وإنما ستتعداها لتعرقل السير نحو تحقيق كل هدف من أهداف التنمية المستدامة: أي الحد من الفقر، والقضاء على الجوع، وتحسين الصحة، والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتحقيق الاستدامة في مجال الانتاج والاستهلاك، والسعي من أجل استدامة المدن وجعلها قادرة على الصمود والتكيف، والارتقاء بالمساواة داخل المجمع وجعله أكثر شمولاً وعدلاً.

وتقول الرسالة الثالثة إنه بات لزاماً علينا أن نغيِّر بصورة أساسية طريقة تفكيرنا بشأن التعليم ودوره في رفاه الإنسان والتنمية العالمية. وتقع على عاتق التعليم اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مسؤولية تعزيز النوع السليم من المهارات والمواقف والسلوكيات التي تؤدي إلى النمو المستدام والشامل للجميع.

وتدعونا خطة التنمية المستدامة لعام 2030 إلى بلورة استجابات شاملة ومتكاملة للعديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تواجهنا. ويعني هذا أن علينا أن نتجاوز حدودنا القطاعية التقليدية ونبني شراكات فعالة جامعة للقطاعات.
وقوام المستقبل المستدام لنا جميعاً هو الكرامة الإنسانية والاندماج الاجتماعي وحماية البيئة. إنه المستقبل الذي لا يفاقم فيه النمو الاقتصادي أوجه التفاوت وعدم المساواة وإنما يؤسس للازدهار ويشيع الرخاء للجميع؛ وحيث تُصمم المناطق الحضرية وأسواق العمل لتمكين الجميع، وتلبس الأنشطة الاقتصادية، العامة والتجارية، حلة خضراء صديقة للإنسان والبيئة. فالتنمية المستدامة تقوم على الاعتقاد بأن التنمية البشرية لا يمكن أن تتحقق بدون كوكب سليم ينعم بالعافية. ثم إن السير نحو تحقيق الخطة الجديدة للتنمية المستدامة الجديدة يتطلب منا جميعاً أن نتأمل في الغاية النهائية المتوخاة من التعلم مدى الحياة. وذلك لأن التعليم، إذا كان سليماً محكم العمل، يتمتع بقدرة يتفرد بها دون غيره على بناء وإنماء الموطنين من حيث القدرة والتمكين والتفكير المسؤول والالتزام والمهارات، ما يؤهلهم لإنارة الدرب نحو كوكب أكثر أمناً وسلاماً واخضراراً وعدلاً للجميع. ويأتي هذا التقرير الجديد بشواهد وبينات تثري هذه النقاشات وتساهم في صياغة السياسات اللازمة لجعلها حقيقة واقعة يعيشها الجميع.

إيرينا بوكوفا
المديرة العامة لليونسكو

bokova

 

تقديم

إن التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2016 عمل بارع ومقلق في آن واحد. فهو تقرير ضخم وفخم، يجمع بين الشمول والعمق والتبصّر. وهو أيضاً تقرير يشغل الخاطر. إذ يدلل من جانب على أن التعليم يقع في صميم التنمية المستدامة وأهدافها، ثم يبين بوضوح من جانب آخر بعد المسافة التي تفصلنا عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهو بهذا يدق ناقوس الخطر عالياً ليتردد صداه في شتى أنحاء العالم ويدفع في اتجاه تحول تاريخي من حيث شحذ الهمم وتعبئة الطاقات لتكثيف الأنشطة الكفيلة بتحقيق الهدف 4 للتنمية المستدامة.

يبين لنا التقرير بالحجة والشاهد كيف أن التعليم يمثل أكثر العوامل أو المدخلات حيوية لكل بُعد من أبعاد التنمية المستدامة. فالتعليم الجيد يؤدي إلى مزيد من الرفاه والازدهار، ويُحسِّن الزراعة، وينهض بالصحة، ويحد من العنف، ويعزز المساواة بين الجنسين، ويزيد من الرأسمال الاجتماعي، ويحسِّن البيئة الطبيعية. والتعليم هو المدخل إلى مساعدة الناس في شتى أنحاء العالم على فهم مدى حيوية التنمية المستدامة لمستقبلنا المشترك. ويزودنا التعليم بالأدوات الأساسية – الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية وحتى الأخلاقية – للتعامل مع أهداف التنمية المستدامة وتحقيقها. كل هذه الحقائق نجدها مفصلة في التقرير تفصيلاً رائعاً يفوق العادة. كما نجد في الجداول والأشكال والنصوص فيضاً من المعلومات الثمينة.

ويسلط التقرير الضوء أيضاً على الهوة الكبيرة التي تفصل بين الوضع الحالي للتعليم وما يسعى إليه العالم ووعد بتحقيقه بحلول عام 2030. ومن ذلك الفجوات الرهيبة في التحصيل المدرسي بين الأغنياء والفقراء داخل البلدان وفيما بينها. ففي العديد من البلدان الفقيرة، يواجه الأطفال الفقراء عوائق يكاد يكون من المستحيل تجاوزها في الظروف الراهنة. فالكتب تعوزهم في البيت؛ وفرص التعليم قبل الابتدائي معدومة أمامهم؛ وإذا حالفهم الحظ والتحقوا بالمدارس، تكون هذه بدون كهرباء وماء ومرافق صحية ومعلمين مؤهلين وكتب مدرسية وغيرها من لوازم التعليم الأساسي، ناهيك عن التعليم الجيد. الآثار والنتائج المترتبة على ذلك صادمة. إذ في الوقت الذي يدعو الهدف 4 للتنمية المستدامة إلى تعميم إتمام المرحلة العليا من التعليم الثانوي بحلول عام 2030، تبلغ نسبة الإتمام الحالية في البلدان المنخفضة الدخل 14% فقط (الجدول 10.3 من التقرير الكامل).

ويقوم التقرير بعملية مهمة لتحديد عدد البلدان التي ستحقق الهدف بحلول عام 2030 إذا استمرت في السير على النهج الحالي ووتيرته، أو حتى على نهج يضاهي النهج الذي تسير عليه أسرع البلدان تقدماً في هذا المضمار. ويصل التقرير إلى نتيجة تبدد الأوهام وتزيل الغشاوة عن العيون مفادها أننا بحاجة إلى تقدم غير مسبوق، يبدأ فوراً تقريباً، حتى يكون أملنا في الوصول إلى الهدف 4 للتنمية المستدامة قابلاً للتحقيق.

وقد يقول المشككون: «ألم نقل لكم إن الهدف 4 للتنمية المستدامة غير قابل للتحقيق»، ويطلبون منا أن نُسَلِّم بـ«الواقع». بيد أن التقرير يبين بطرق لا تحصى أن هذا الزعم متهور وغير مسؤول وغير أخلاقي. فنحن إذا تركنا الجيل الحالي من الشباب بدون تعليم مناسب، فإننا نحكم عليهم والعالم بالفقر مستقبلاً، وببيئة معلولة، بل وحتى بتفشي العنف الاجتماعي وعدم الاستقرار على مدى عقود قادمة. فلا عذر لمن يثبط العزائم ويدعي بما لا يعرف. ورسالة هذا التقرير هي أننا يجب أن نعبئ طاقاتنا ونتكاتف سوية لتسريع وتيرة التحصيل الدراسي على نحو غير مسبوق.

ومن عوامل التسريع بهذه العملية توفير التمويل المناسب. وهنا أيضاً، يكشف لنا التقرير عن وقائع تزيل الغشاوة عن الأعين. إذ يبين أن المساعدة الإنمائية المخصصة للتعليم هي اليوم أقل مما كانت عليه في عام 2009 (الشكل 20.7 من التقرير الكامل). أقول: إن قصر نظر البلدان الغنية في هذا المضمار أمر يدعو إلى العجب. فهل تعتقد حقاً هذه البلدان المانحة أنها تقتصد و«توفر النقود» من خلال تقليل نسبة استثمارها في التعليم في بلدان العالم ذات الدخل المنخفض؟ بعد قراءة هذا التقرير، سيكون قادة ومواطنو البلدان العالية الدخل على وعي تام بأن الاستثمار في التعليم مسالة أساسية للرفاه العالمي، وأن مستوى المساعدة الحالي البالغ نحو 5 مليارات دولار أمريكي في السنة للتعليم الابتدائي – أي ما يعادل 5 دولارات أمريكية فقط للشخص الواحد في السنة في البلدان الغنية – هو استثمار ضئيل جداً فيما ينبغي أن ينعم به العالم في المستقبل من حيث التنمية المستدامة والسلام.

ويقدم التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2016 فيضاً من النظرات الثاقبة والتوصيات والمعايير للتقدم إلى الأمام. كما يقدم مقترحات ثمينة بشأن كيفية رصد التقدم صوب تحقيق الهدف 4 للتنمية المستدامة. ويبين عن طريق الدليل والشاهد جدوى القياسات المتطورة والمدروسة لنتائج التعليم وجودته وإتمامه والتي تفوق إلى حد كبير بدقتها وفعاليتها القياسات البسيطة للقيد في التعليم واتمامه التي نعتمد عليها اليوم. فباستخدام بيانات موسعة، وأدوات استقصاء أفضل، ورصد المرافق، وتكنولوجيا المعلومات، يمكننا أن نحصل على قياسات لعمليات التعليم وللمخرجات على كافة المستويات أكثر دقة بكثير من القياسات الراهنة.

قبل 15 عاماً، اعترف العالم أخيراً بهول الخطر الذي تمثله آفة الإيدز الوبائية وغيرها من الآفات الصحية الخطيرة واتخذ خطوات ملموسة للنهوض بالصحة العامة على الصعيد العالمي في إطار الأهداف الإنمائية للألفية. وهكذا ولدت مبادرات كبرى، مثل الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI) والعديد من المبادرات. وقد أدت هذه الجهود إلى منعطف كبير على صعيد العناية بالصحة العامة وتمويل الأنشطة اللازمة لهذا الغرض. وبالرغم من أن هذه المبادرات لم تحقق مرادها بالكامل (ويعود السبب الرئيس إلى الأزمة المالية في عام 2008 التي وضعت حداً لمنسوب التمويل المتصاعد للصحة العامة) إلا أنها أدت إلى العديد من الإنجازات الكبيرة التي بقيت نتائجها ملموسة إلى يومنا هذا.
وينبغي أن يُقرأ التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2016 كنداء مماثل (لتجربة قطاع الصحة) يدعو إلى العمل وحشد الطاقات والتمويل من أجل التعليم باعتباره يقع في صلب أهداف التنمية المستدامة. وأرى من وجهة نظري، التي طالما عبرت عنها خلال العامين المنصرمين، أن هناك حاجة ماسة وعاجلة إلى إنشاء صندوق عالمي للتعليم يستند إلى الدروس الإيجابية المستخلصة من تجربة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا. ذلك أن القيود المالية تمثل جوهر التحديات التي تواجه التعليم، مثلما يبين لنا هذا التقرير بوضوح صارخ ينطق به كل جزء من بيانات الاستقصاءات الأسرية على المستوى الوطني.

وتدعونا هذه الوثيقة المُقنِعة والأخاذة إلى الاستجابة لهذه الفرصة ولهذه الحاجة الماسة القصوى والهدف العالمي المعلن المتجسد في الهدف 4 للتنمية المستدامة، وأعني بكل ذلك: تعميم التعليم الجيد للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة. وأود أن أحث الناس في كل مكان على دراسة هذا التقرير بعناية واستيعاب رسائله الأساسية. والأهم من ذلك أن نعمل على تحقيقها على جميع المستويات، بدءاً من المجتمع المحلي وانتهاء بالمجتمع العالمي.

 

جيفري د. ساكس
مستشار خاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن
أهداف التنمية المستدامة

sachs